"حقوق الإنسان المغربي" يحيي ذكرى قصة 20 راهباً عاشوا في مدينة آزرو
"حقوق الإنسان المغربي" يحيي ذكرى قصة 20 راهباً عاشوا في مدينة آزرو
في أمسية ثقافية احتضنتها مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، تم مساء الثلاثاء عرض الفيلم الوثائقي "مقبولين، ضيوف تومليلين" للمخرجة يزة إدري-جينيني، في تظاهرة نظمتها مؤسسة ذاكرات من أجل المستقبل بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب.
ويعيد الفيلم تسليط الضوء على تجربة فريدة من خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حينما استقر عشرون راهبًا بندكتيًا قدموا من دير أون كالكا الفرنسي في منطقة تومليلين الجبلية قرب أزرو، ولم يكتفِ الرهبان بالتأمل والعبادة، بل أسسوا نموذجًا للتفاعل الاجتماعي والثقافي، عبر إنشاء مستوصف ومدرسة داخلية والمساهمة في التدريس، إلى جانب ممارسة أنشطة فلاحية، وفق موقع "اليوم 24".
إحياء للذاكرة الجماعية
وفي كلمتها خلال عرض الفيلم، وصفت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، العمل بأنه "إحياء للذاكرة الجماعية"، مؤكدة أن دير تومليلين لم يكن مجرد معزل ديني، بل شكل منصة للحوار بين ثقافات وأفكار متعددة، وأسس لذاكرة كونية تتجاوز المغرب.
كما شددت بوعياش على أن هذا النوع من المبادرات في المغرب يعكس قدرة التعدد الثقافي على بناء الجسور بدل تغذية الانقسامات، مشيرة إلى أن التجربة تمثل نموذجًا رائدًا لما يمكن أن يكون عليه التفاعل الإنساني المتجذر في الاحترام المتبادل.
من جانبها، أكدت لمياء الراضي، رئيسة مؤسسة "ذاكرات من أجل المستقبل"، أن المؤسسة تعمل منذ 2015 على توثيق ذاكرة دير تومليلين، لما يحمله من رمزية تاريخية وإنسانية. وقالت إن الفيلم يمثل امتدادًا لهذا الجهد، ويستحضر مساهمة الرهبان في دعم الحركة الوطنية وعلاقاتهم بالملك الراحل محمد الخامس إبان مرحلة الاستقلال.
حفظ ونقل التراث
وشهدت الأمسية حضور شخصيات بارزة، من بينها لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، والسفير الفلسطيني بالمغرب جمال الشوبكي، بالإضافة إلى مهتمين بالشأن الثقافي والتاريخي.
واختُتم اللقاء بدعوة إلى ضرورة الحفاظ على هذا الإرث الثقافي والروحي ونقله للأجيال المقبلة، باعتباره جزءًا من المسؤولية الجماعية في صون الذاكرة الوطنية.
يُعد دير تومليلين واحدًا من أبرز النماذج على التعايش بين الأديان والثقافات في المغرب المعاصر، حيث تحول إلى مركز جذب للمفكرين والفنانين المغاربة والأجانب، في لحظة تاريخية كانت فيها البلاد تعيد تشكيل هويتها بعد الاستقلال.